سميحة عصو مجتهد
الهواية : اللون المفضل لديك : الشراب المفضل : الآكلة المفصلة : لاعبك المفضل في الفريق الوطني : أختر ناديك المفصل : المزاج : MMS : الــــدولــــــــة : عدد المساهمات : 367 نقاط : 1111 تاريخ التسجيل : 04/09/2010 العمر : 25
| موضوع: التعريف ببلادنا الإثنين سبتمبر 06, 2010 3:37 am | |
| تلعب المدينة أو القرية التي يولد ويعيش الواحد منا فيها فترة من الزمن دورا في التركيب النفسي والإجتماعي والفكري له ؛ وتظل بما تحمله من تراث وعادات وتقاليد مميزة حاضرة في وجدانه وذاته منعكسة على سلوكه وتصرفاته .. يحن لها في غيابه كما في حضوره ؛وبالرغم من أن الحياة العصرية قد فرضت على الواحد كثرة التنقل بين المدن والبلدان لأسباب التعليم أو العمل وغيرها ؛ فإن سحر وجاذبية " مسقط الرأس " تظل شاخصة حتى عند إنبهار الشخص وإفتتانه بالمدن التي يزورها أو يسكن فيها فترة من الزمن لضرورة ما مجسدا في ذلك قول الشاعر العربي : نقل فؤادك حيث شئت من الهوى ... ما الحب إلا للحبيب الأول كم مــنزل في الأرض يألـفــــه الــــفتى ... وحـنينه أبــدا لـــأول مـــنزل
من هنا سأبدأ حديثي عن مدينة وادي سوف مسقط رأسي .. هذه المدينة الصحراوية التي ولدت فيها وكبرت ؛ وحتى أكون صادقا مع نفسي والقارئ الكريم فإنه يمكنني القول بأنني لم أشعر بإرتباط مميز بالمدينة كذلك الذي كنت ألمسه في أصدقائي أثناء فترة الدراسة الجامعية والتي كانت خارجها مما جعلني أتساءل أحيانا بيني وبين نفسي عن سر تلك الفتور والبرود في العلاقة وإتهام الرفقة لي بنكران العشرة واللمز بالإنبهار بحياة الشمال الجزائري التي تختلف نسبيا عن حياة الجنوب حيث إختلاف الطبيعة الجغرافية وعادات الناس وتقاليدهم ؛فالصحراء بالإضافة لكون طبيعتها قاسية سواء من جهة المناخ أو الجغرافية فإن مجتمعها تقليدي ومحافظ إلى درجة الإنغلاق أحيانا ؛ وإن كنت أرى أن ذلك الأمر تغير الآن حيث تقاربت العادات وتغيرت ملامح المجتمعات وتلامست مع نموذج وقولبة واحدة أوصفها مازحا بعصر " نانسي عجرم" الذي يلعب فيه الإعلام دورا في تغيب الخصوصية وإنصهار الجميع في بوتقة يتيمة تضيع معها العادات الإنسانية الجميلة التي ميزت مجتمعاتنا عبر تاريخه الطويل ؛ وحتى لا أشتت ذهن القارئ فإنه يمكنني أن أفسر له علاقة فتوري بالمدينة التي لا يعدو لقلة أصل كما حاول أن يفسره أصدقائي والأقربون مني وإنما راجع لتكويني الفكري وقناعاتي الذاتية التي تعتبر أن الإنسان هو الذي يشكل موطنه لا المكان هو الذي يشكل شخصيته ؛لقد كنت ولازلت أشعر أن حبي لوطني الصغير " الجزائر " لا لكوني جزائري كما هي عادة الكثيرين وإنما لكونها قطعة غالية من وطني العربي والإسلامي .. لقد نشأت على كتابات الإمام " جمال الدين الأفغاني " و " محمد عبده " و" الكواكبي " والشيخ " عبد الحميد بن باديس " و " محمد البشير الإبراهيمي " و " حسن البنا " وتأثرت بكتب " الإمام المودودي " و " الشيخ الندوي " وغيرهم كثير من أعلام الفكر الإسلامي المعاصر
حيث على إختلاف مواطنهم وتباين في رؤاهم الفكرية والإجتماعية كانوا يغرسون فينا بديهية حب الوطن الصغير متكئين على حب الوطن الكبير .. لذا كانت كــل قطعة من وطني الصغير عزيزة عني كما هي واد سوف التي ولدت فيها ومثلها لم يكن هناك في تصوري يوما فارق بين الجزائر أو المغرب كما لا فرق عندي بينهما وبين دمشق أو بغداد الذين هما بمعزة مكة المكرمة والمدينة المنورة والقدس الشريف ..
تزامن هذا التكوين الفكري مع أحد أهم الأحداث التاريخية في نهاية فترة الثمانينات من القرن الماضي وبالتحديد سنة 1987 حيث إنطلقت شرارة الإنتفاضة الفلسطينية المباركة أو ما عرفت بإنتفاضة أطفال الحجارة ؛ لم يكن يومها هناك فضائيات ولا إنترنت .. لكن كان الناس على أميتهم وجهلهم بالذي يدور خارج بيوتهم وأزقتهم وبعدم إدراكهم بحدود الجغرافيا وصيرورة التاريخ جزءا من تلك الملحمة البطولية .. كان الجميع حينها مع تتبعه للأخبار عبر الراديو الوسيلة الوحيدة المشهورة أنذاك خصوصا عبر " هنا لندن " كما يسميها كبار السن أو بعض ما تبثه القناة التلفزيونية اليتيمة بمحدودية بثها وساعاته وبعض ما تورده الصحف الحكومية وقتها يلغون المسافات و يتجاوزون أوهام الحدود المصطنعة .. كانت فلسطين حاضرة في وجدان الناس وهمومهم ؛ | |
|