???? زائر
| موضوع: قصة الفيل الإثنين ديسمبر 20, 2010 11:14 am | |
|
قصة الفيل
وكان سبب قصة أصحاب الفيل - على ما ذكر محمد بن إسحاق - أن أبرهة بن الصباح كان عاملا للنجاشي ملك الحبشة على اليمن ، فرأى الناس يتجهزون أيام الموسم إلى مكة - شرفها الله - فبنى كنيسة بصنعاء . وكتب إلى النجاشي " إني بنيت لك كنيسة لم يبن مثلها ، ولست منتهيا حتى أصرف إليها حج العرب " فسمع به رجل من بني كنانة ، فدخلها ليلا . فلطخ قبلتها بالعذرة . فقال أبرهة : من الذي اجترأ على هذا ؟ قيل : رجل من أهل ذلك البيت ، سمع بالذي قلت . فحلف أبرهة ليسيرن إلى الكعبة - ص 56 - حتى يهدمها . وكتب إلى النجاشي يخبره بذلك ، فسأله أن يبعث إليه بفيله . وكان له فيل يقال له : محمود ، لم ير مثله عظما وجسما وقوة ، فبعث به إليه . فخرج أبرهة سائرا إلى مكة . فسمعت العرب بذلك فأعظموه ، ورأوا جهاده حقا عليهم . فخرج ملك من ملوك اليمن ، يقال له : ذو نفر . فقاتله . فهزمه أبرهة وأخذه أسيرا ، فقال : أيها الملك استبقني خيرا لك ، فاستبقاه وأوثقه . وكان أبرهة رجلا حليما . فسار حتى إذا دنا من بلاد خثعم خرج إليه نفيل بن حبيب الخثعمي ، ومن اجتمع إليه من قبائل العرب . فقاتلوهم فهزمهم أبرهة . فأخذ نفيلا ، فقال له : أيها الملك إنني دليلك بأرض العرب ، وهاتان يداي على قومي بالسمع والطاعة . فاستبقني خيرا لك . فاستبقاه . وخرج معه يدله على الطريق . فلما مر بالطائف خرج إليه مسعود بن معتب في رجال من ثقيف . فقال له : أيها الملك ، نحن عبيدك . ونحن نبعث معك من يدلك . فبعثوا معه بأبي رغال مولى لهم . فخرج حتى إذا كان بالمغمس مات أبو رغال ، وهو الذي يرجم قبره . وبعث أبرهة رجلا من الحبشة - يقال له : الأسود بن مفصود - على مقدمة خيله وأمر بالغارة على نعم الناس . فجمع الأسود إليه أموال الحرم ، وأصاب لعبد المطلب مائتي بعير . ثم بعث رجلا من حمير إلى أهل مكة ، فقال : أبلغ شريفها أنني لم آت لقتال ، بل جئت لأهدم البيت . فانطلق ، فقال لعبد المطلب ذلك . فقال عبد المطلب : ما لنا به يدان . سنخلي بينه وبين ما جاء له . فإن هذا بيت الله وبيت خليله إبراهيم ، فإن يمنعه فهو بيته وحرمه . وإن يخل - ص 57 - بينه وبين ذلك فوالله ما لنا به من قوة . قال : فانطلق معي إلى الملك - وكان ذو نفر صديقا لعبد المطلب ، فأتاه ، فقال : يا ذا نفر ، هل عندك غناء فيما نزل بنا ؟ فقال : ما غناء رجل أسير لا يأمن أن يقتل بكرة أو عشيا ، ولكن سأبعث إلى أنيس سائس الفيل ، فإنه لي صديق ، فأسأله أن يعظم خطرك عند الملك . فأرسل إليه ، فقال لأبرهة : إن هذا سيد قريش يستأذن عليك . وقد جاء غير ناصب لك ولا مخالف لأمرك ، وأنا أحب أن تأذن له . وكان عبد المطلب رجلا جسيما وسيما . فلما رآه أبرهة أعظمه وأكرمه . وكره أن يجلس معه على سريره . وأن يجلس تحته . فهبط إلى البساط فدعاه فأجلسه معه . فطلب منه أن يرد عليه مائتي البعير التي أصابها من ماله . فقال أبرهة لترجمانه ، قل له : إنك كنت أعجبتني حين رأيتك ، ولقد زهدت فيك . قال : لم ؟ قال : جئت إلى بيت - هو دينك ودين آبائك ، وشرفكم وعصمتكم - لأهدمه . فلم تكلمني فيه ، وتكلمني في مائتي بعير؟ قال : أنا رب الإبل . والبيت له رب يمنعه منك . فقال : ما كان ليمنعه مني . قال : فأنت وذاك . فأمر بإبله فردت عليه . ثم خرج وأخبر قريشا الخبر ، وأمرهم أن يتفرقوا في الشعاب ، ويتحرزوا في رءوس الجبال ، خوفا عليهم من معرة الجيش . ففعلوا . وأتى عبد المطلب البيت . فأخذ بحلقة الباب وجعل يقول : - ص 58 -
يـا رب لا أرجـو لهم سواكا | | يا رب فامنع منهمو حماكا | إن عـدو البيـت من عاداكا | | فـامنعهمو أن يخـربوا قراكا | |
وقال أيضا :
لا هم إن المرء يمنع رحله | | وحلالــــه فـــامنع حـــلالك | لا يغلبــــــــن صليبهـــــــم | | ومحـــالهم غـــدوا محــالك | جــــروا جــــموع بلادهــــم | | والفيـل كـي يسبوا عيالك | إن كـــنت تــاركهم وكــعب | | تنـــا فـــأمر مـــا بـــدا لـــك | |
ثم توجه في بعض تلك الوجوه مع قومه . وأصبح أبرهة بالمغمس قد تهيأ للدخول . وعبأ جيشه . وهيأ فيه . فأقبل نفيل إلى الفيل . فأخذ بأذنه . فقال : ابرك محمود . فإنك في بلد الله الحرام . فبرك الفيل ، فبعثوه فأبى . فوجهوه إلى اليمن ، فقام يهرول . ووجهوه إلى الشام ففعل مثل ذلك . ووجهوه إلى المشرق ففعل ذلك . فصرفوه إلى الحرم فبرك . وخرج نفيل يشتد حتى صعد الجبل ، فأرسل الله طيرا من قبل البحر مع كل طائر ثلاثة أحجار . حجرين في رجليه وحجرا في منقاره . فلما غشيت القوم أرسلتها عليهم . فلم تصب تلك الحجارة أحدا إلا هلك . وليس كل القوم أصابت . فخرج البقية هاربين يسألون عن نفيل ليدلهم على الطريق إلى اليمن . فماج بعضهم في بعض . يتساقطون بكل طريق ، ويهلكون على كل منهل . وبعث الله على أبرهة داء في جسده . فجعلت تساقط أنامله حتى انتهى إلى صنعاء وهو مثل الفرخ . وما مات حتى انصدع صدره عن قلبه ثم هلك .
. . . . . . . . . . |
|