mohamed08
الهواية : اللون المفضل لديك : الشراب المفضل : الآكلة المفصلة : لاعبك المفضل في الفريق الوطني : أختر ناديك المفصل : المزاج : MMS : الــــدولــــــــة : عدد المساهمات : 143 نقاط : 442 تاريخ التسجيل : 16/12/2010 العمر : 25
| موضوع: الرسول صلى الله عليه وسلم الإسلام الأربعاء ديسمبر 22, 2010 2:57 pm | |
| الرعيل الأول:
وكان من الطبيعي أن يعرض أولاً على ألصق الناس به وآل بيته، وأصدقائه، فدعاهم إلى الإسلام، ودعا إليه كل من توسم فيه خيراً ممن يعرفهم ويعرفونه، يعرفهم بحب الحق والخير ويعرفونه بتحري الصدق والصلاح، فأجابه من هؤلاء - الذين لم تخالجهم ريبة قط في عظمة الرسول صلى الله عليه وسلم وجلالة نفسه وصدق خبره - جمع عرفوا في التاريخ الإسلامي بالسابقين الأولين، وفي مقدمتهم زوجة النبي صلى الله عليه وسلم أم المؤمنين خديجة بنت خويلد، ومولاه زيد ابن ثابت بن شرحبيل الكلبي، وابن عمه علي بن أبي طالب - وكان صبياً يعيش في كفالة الرسول - وصديقه الحميم أبو بكر الصديق. أسلم هؤلاء في أول يوم من أيام الدعوة.
ثم نشط أبو بكر في الدعوة إلى الإسلام، وكان رجلاً مألفاً محبباً سهلاً، ذا خلق ومعروف، وكان رجال قومه يأتونه ويألفونه، لعلمه وتجارته، وحسن مجالسته، فجعل يدعو من يثق به من قومه ممن يغشاه ويجلس إليه، فأسلم بدعائه عثمان بن عفان الأموي، والزبير بن العوام الأسدي، وعبد الرحمن بن عوف، وسعد بن أبي وقاص الزهريان، وطلحة بن عبيد اللَّه التيمي، فكان هؤلاء النفر الثمانية الذين سبقوا الناس هم الرعيل الأول وطليعة الإسلام.
ومن أوائل المسلمين بلال بن رباح الحبشي، ثم تلاهم أمين هذه الأمة أبو عبيدة عامر بن الجراح من بني الحارث بن فهر وأبو سلمة بن عبد الأسد، والأرقم ابن أبي الأرقم المخزوميان، وعثمان بن مظعون وأخواه قدامة وعبد اللَّه، وعبيدة بن الحارث بن المطلب بن عبد مناف، وسعيد بن زيد العدوي، وامرأته فاطمة بنت الخطاب العدوية أخت عمر بن الخطاب، وخباب بن الأرت وعبد اللَّه بن مسعود الهذلي وخلق سواهم، وأولئك هم السابقون الأولون، وهم من جميع بطون قريش وعدهم ابن هشام أكثر من أربعين نفراً، وفي ذكر بعضهم في السابقين الأولين نظر.
قال ابن إسحاق ثم دخل الناس في الإسلام أرسالاً من الرجال والنساء حتى فشا ذكر الإسلام بمكة، وتحدث به.
أسلم هؤلاء سراً، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يجتمع بهم ويرشدهم إلى الدين متخفياً لأن الدعوة كانت لا تزال فردية وسرية، وكان الوحي قد تتابع وحمى نزوله بعد نزول أوائل المدثر، وكانت الآيات وقطع السور التي تنزل في هذا الزمان آيات قصيرة، ذات فواصل رائعة منيعة، وإيقاعات هادئة خلابة تتناسق مع ذلك الجو الهامس الرقيق، تشتمل على تحسين تزكية النفوس، وتقبيح تلويثها برغائم الدنيا، تصف الجنة والنار كأنهما رأي عين، تسير بالمؤمنين في جو آخر غير الذي فيه المجتمع البشري آنذاك.
الصــلاة:
وكان في أوائل ما نزل الأمر بالصلاة، قال مقاتل بن سليمان: فرض اللَّه أول الإسلام الصلاة ركعتين بالغداة وركعتين بالعشي، لقوله تعالى: {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالإِبْكَارِ} [غافر: 55] وقال ابن حجر: كان صلى الله عليه وسلم قبل الإسراء يصلي قطعاً، وكذلك أصحابه، ولكن اختلف هل فرض شيء قبل الصلوات الخمس من الصلوات أم لا؟ فقيل إن الفرض كانت صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها. انتهى. وروى الحارث بن أسامة من طريق ابن لهيعة موصولاً عن زيد بن حارثة أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في أول ما أوحى إليه أتاه جبريل، فعلمه الوضوء، فلما فرغ من الوضوء أخذ غرفة من ماء فنضح بها فرجه. وقد روى ابن ماجه بمعناه. وروي نحوه عن البراء بن عازب وابن عباس وفي حديث ابن عباس وكان ذلك من أول الفريضة.
وقد ذكر ابن هشام أن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه كانوا إذا حضرت الصلاة ذهبوا في الشعاب فاستخفوا بصلاتهم من قومهم، وقد رأى أبو طالب النبي صلى الله عليه وسلم وعلياً يصليان مرة، فكلمهما في ذلك، ولما عرف جلية الأمر أمرهما بالثبات.
الخبر يبلغ إلى قريش إجمالاً:
يبدو بعد النظر في نواح شتى من الوقائع أن الدعوة - في هذه المرحلة - وإن كانت سرية وفردية لكن بلغت أنباءها إلى قريش، بيد أنها لم تكترث بها.
قال الشيخ محمد الغزالي: "وترامتهذه الأنباء إلى قريش فلم تعرها اهتماماً، ولعلها حسبت محمداً أحد أولئك الديانين، الذي يتكلمون في الألوهية وحقوقها، كما صنع أمية بن أبي الصلت وقس بن ساعدة، وعمرو بن نفيل وأشباههم، إلا أنها توجست خيفة من ذيوع خبره وامتداد أثره، وأخذت ترقب على الأيام مصيره ودعوته".
مرت ثلاث سنين والدعوة لم تزل سرية وفردية، وخلال هذه الفترة تكونت جماعة من المؤمنين تقوم على الأخوة والتعاون، وتبليغ الرسالة وتمكينها من مقامها ثم تنزل الوحي يكلف رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بمعالنته قومه، ومجابهة باطلهم ومهاجمة أصنامهم.
المرحَلة الثانية
الدعوة جهاراً
أول أمر بإظهار الدعوة:
أول ما نزل بهذا الصدد قوله تعالى: {وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ} [الشعراء: 214] والسورة التي وقعت فيها الآية - وهي سورة الشعراء - ذكرت فيها أولاً قصة موسى عليه السلام من بداية نبوته إلى هجرته مع بني إسرائيل، ونجاتهم من فرعون وقومه، وإغراق آل فرعون معه، وقد اشتملت هذه القصة على جميع المراحل التي مر بها موسى عليه السلام خلال دعوة فرعون وقومه إلى اللَّه.
مع العلم أن هذا التفصيل إنما جيء به حين أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بدعوة قومه إلى اللَّه، ليكون أمامه وأمام أصحابه نموذجاً لما سيلقونه من التكذيب والاضطهاد حينما يجهرون بالدعوة، وليكونوا على بصيرة من أمرهم منذ بداية دعوتهم.
ومن ناحية أخرى تشتمل هذه السورة على ذكر مآل المكذبين للرسل، من قوم نوح، وعاد، وثمود، وقوم إبراهيم، وقوم لوط، وأصحاب الأيكة - علاوة على ما ذكر من أمر فرعون وقومه - ليعلم الذين سيقومون بالتكذيب بما يؤول إليه أمرهم وبما سيلقون من مؤاخذة اللَّه إن استمروا على التكذيب، وليعرف المؤمنون أن حسن العاقبة لهم لا للمكذبين.
الدعوة في الأقربين:
وأول ما فعل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بعد نزول هذه الآية أنه دعا بني هاشم فحضروا، ومعهم نفر من بني المطلب بن عبد مناف، فكانوا خمسة وأربعين رجلاً. فبادره أبو لهب وقال: وهؤلاء هم عمومتك وبنو عمك فتكلم ودع الصُّباة. واعلم أنه ليس لقومك بالعرب قاطبة طاقة، وأنا أحق من أخذك، فحسبك بنو أبيك، وإن أقمت على ما أنت عليه فهو أيسر عليهم من أن يثب بك بطون قريش، وتمدهم العرب، فما رأيت أحداً جاء على بني أبيه بشر مما جئت به، فسكت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ، ولم يتكلم في ذلك المجلس.
ثم دعاهم ثانية وقال: الحمد للَّه أحمده، وأستعينه، وأومن به، وأتوكل عليه. وأشهد أن لا إله إلا اللَّه وحده لا شريك له. ثم قال: إن الرائد لا يكذب أهله واللَّه الذي لا إله إلا هو، إني رسول اللَّه إليكم خاصة، وإلى الناس عامة، واللَّه لتموتن كما تنامون، ولتبعثن كما تستيقظون، ولتحاسبن بما تعملون، وإنها الجنة أبداً أو النار أبداً. فقال أبو طالب ما أحب إلينا معاونتك، وأقبلنا لنصيحتك، وأشد تصديقاً لحديثك. وهؤلاء بنو أبيك مجتمعون، وإنما أنا أحدهم غير أني أسرعهم إلى ما تحب، فامض لما أمرت به، فواللَّه لا أزال أحوطك وأمنعك، غير أن نفسي لا تطاوعني على فراق دين عبد المطلب.
فقال أبو لهب هذه واللَّه السوأة، خذوا على يديه قبل أن يأخذ غيركم، فقال أبو طالب واللَّه لنمنعه ما بقينا.
على جبل الصفا:
وبعد ما تأكد النبي صلى الله عليه وسلم من تعهد أبي طالب بحمايته، وهو يبلغ عن ربه، قام يوماً على الصفا فصرخ: يا صباحاه، فاجتمع إليه بطون قريش، فدعاهم إلى التوحيد والإيمان برسالته وباليوم الآخر. وقد روى البخاري طرفاً من هذه القصة عن ابن عباس، قال:
لما نزلت {وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ} صعد النبي صلى الله عليه وسلم على الصفا، فجعل ينادي يا بني فهر...! يا بني عدي لبطون قريش، حتى اجتمعوا، فجعل الرجل إذا لم يستطع أن يخرج أرسل رسولاً لينظر ما هو؟ فجاء أبو لهب وقريش، فقال: أرأيتكم لو أخبرتكم أن خيلاً بالوادي تريد أن تغير عليكم، أكنتم مصدقي؟ قالوا: نعم، ما جربنا عليك إلا صدقاً، قال: فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد، فقال أبو لهب: تباً لك سائر اليوم، ألهذا جمعتنا؟ فنزلت {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ} [المسد: 1].
وروى مسلم طرفاً آخر من هذه القصة عن أبي هريرة رضي اللَّه عنه. قال: لما نزلت هذه الآية: {وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ} دعا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فعم وخص. فقال: يا معشر قريش أنقذوا أنفسكم من النار، يا معشر بني كعب أنقذوا أنفسكم من النار، يا فاطمة بنت محمد أنقذي نفسك من النار، فإني واللَّه لا أملك لكم من اللَّه شيئاً، إلا أن لكم رحماً سأبلها ببلالها.
هذه الصيحة العالية هي غاية البلاغ، فقد أوضح الرسول صلى الله عليه وسلم لأقرب الناس إليه أن التصديق بهذه الرسالة هو حياة الصلات بينه وبينهم. وأن عصبية القرابة التي يقوم عليها العرب ذابت في حرارة هذا الإنذار الآتي من عند اللَّه.
الصدع بالحق وردود فعل المشركين:
ولم يزل هذا الصوت يرتج دويه في أرجاء مكة حتى نزل قوله تعالى: {فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنْ الْمُشْرِكِينَ} [الحجر: 94] فقام رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يعكر على خرافات الشرك وترهاته، ويذكر حقائق الأصنام وما لها من قيمة في الحقيقة، يضرب بعجزها الأمثال، ويبين بالبينات أن من عبدها وجعلها وسيلة بينه وبين اللَّه فهو في ضلال مبين.
انفجرت مكة بمشاعر الغضب وماجت بالغرابة والاستنكار حين سمعت صوتاً يجهر بتضليل المشركين وعباد الأصنام، كأنه صاعقة قصفت السحاب فرعدت وبرقت وزلزلت الجو الهادىء، وقامت قريش تستعد لحسم هذه الثورة التي اندلعت بغتة، ويخشى أن تأتي على تقاليدها وموروثاتها.
قامت لأنها عرفت أن معنى الإيمان بنفي الألوهية عما سوى اللَّه، ومعنى الإيمان بالرسالة وباليوم الآخر هو الانقياد التام والتفويض المطلق، بحيث لا يبقى لهم خيار في أنفسهم وأموالهم فضلاً عن غيرهم، ومعنى ذلك انتفاء سيادتهم وكبريائهم على العرب، التي كانت بالصبغة الدينية، وامتناعهم عن تنفيذ مرضاتهم أمام مرضاة اللَّه ورسوله، وامتناعهم عن المظالم التي كانوا يفترونها على الأوساط السافلة، وعن السيئات التي كانوا يجترحونها صباح مساء، عرفوا هذا المعنى فكانت نفوسهم تأبى عن قبول هذا الوضع المخزي لا لكرامة وخير {بَلْ يُرِيدُ الإِنسَانُ لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ} [القيامة: 5].
عرفوا كل ذلك جيداً، ولكن ماذا سيفعلون أمام رجل صادق أمين، أعلى مثل للقيم البشرية ولمكارم الأخلاق، لم يعرفوا له نظيراً ولا مثيلاً خلال فترة طويلة من تاريخ الآباء والأقوام؟ ماذا سيفعلون؟ تحيروا في ذلك، وحق لهم أن يتحيروا.
وبعد إدارة فكرتهم لم يجدوا سبيلاً إلا أن يأتوا إلى عمه أبي طالب، فيطلبوا منه أن يكف ابن أخيه عما هو فيه، ورأوا لإلباس طلبهم لباس الجد والحقيقة أن يقولوا: إن الدعوة إلى ترك آلهتهم، والقول بعدم نفعها وقدرتها سبة قبيحة وإهانة شديدة لها، وفيه تسفيه وتضليل لآبائهم الذين كانوا على هذا الدين، وجدوا هذا السبيل فتسارعوا إلى سلوكها.
وفد قريش إلى أبي طالب:
قال ابن إسحاق مشى رجال من أشراف قريش إلى أبي طالب، فقالوا: يا أبا طالب إن ابن أخيك قد سب آلهتنا، وعاب ديننا، وسفه أحلامنا، وضلل آباءنا فإما أن تكفه عنا، وإما أن تخلي بيننا وبينه، فإنك على مثل ما نحن عليه من خلافه، فنكفيكه. فقال لهم أبو طالب قولاً رقيقاً، وردهم رداً جميلاً فانصرفوا عنه ومضى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم على ما هو عليه، يظهر دين اللَّه ويدعو إليه.
| |
|