جَبَلَ اللهُ النفسَ البشرية على حُب من أحسن إليها .. وأَلّهَمَ قلوبَ أصحابِها على
التعلّق بمن تَفضَّل عليها.. ولاَ أَعظَم من إحسانِ الوالدين وعطفهما
ورحمتهما فهي نعمة جليلة تمنَنَّ الله تعالى بها علينا
فهما سبب وجودنا في هذه الدنيا
ولِعِظَم هذا الفضل منهما فقد قَرَنَ الله حقَّهما بحقهِ سبحانه
في قوله تعالى ( وَاعْبُدُوا اللَّهَ ولاَ تُشرِكُوا بِهِ شَيئاً وَبِالوَالدَينِ إِحْسَاناً ) النساء 35
والبر بالوالدين إنما هو وفاءٌ لهما وصلة وقربة ..
" جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم
يستأذنه في الجهاد في الجهاد فقال : أحيٌّ والداك ؟ قال : نعم
قال : ففيهما فجاهد " متفق عليه
وبر الوالدين من شيمِ الكرام ودليل على الفضل والكمال ( ففيهما فجاهِد )
أي أنك تتوقع أن يصدر منهما بعض التصرفات التي تستوجبُ منك
قبول هذه الأخلاق من والديك وهذا يعني أنك في جهاد حقيقةً ،
وبرِّكَ بهما إنما هو سبب
لسعةِ الرزق وطولِ العمر وطريق إلى الجنة
يقول النبي صلى الله عليه وسلم " الوالد أوسط أبواب الجنة ،
فإن شئت فأضع هذا الباب أو احفظه " رواه الترميذي وصححه الألباني
في بقائهما سعادتك ، وفي برِّهما تتنزلُ البركات عليك وعلى عقبك
فهما جنة المرء وناره .
ونعلم أن بر الوالدين فريضة في دين الله وهذا لعظمه وأهميته
فلو استغرق المؤمن عمره كله في تحصيله ما وفَّى والديهِ حقَّهما
وفضلهما أو قام بواجبهما .
يقول الله تعالى ( وَبِالْوَالِدينِ إِحْسَاناً ) البقرة 83
ولمعاملة الوالدين آدابٌ وجبَ مراعاتها
قال الغزالي : وآداب الولد مع والده : أن يسمع كلامه , ويقوم بقيامه ,
ويمتثل أمره , ولا يمشي أمامه , ولا يرفع صوته , ويلبي دعوته , ويحرص على طلب مرضاته ,
ويخفض له جناحه بالصبر , ولا يمن بالبر له , ولا بالقيام بأمره , ولا ينظر إليه شزراً ,
ولا يقطب وجهه في وجهه (10) .
فيض القدير للمناوي