فكرة قرأتها في كتاب: «كيف و أين يُدرس الإسلام في الغرب؟ النبذ و الاستبعاد من كلا الطرفين!". نقل
مواطن العالم د. محمد كشكار
كتاب " معارك من أجل الأنسنة في السياقات الإسلامية"، تأليف: محمد أركون، ترجمة و تعليق: هشام صالح، دار الساقي، بيروت، الطبعة الأولى 2001. 317 صفحة
تنبيه ضروري
ما أنشره في هذه السلسلة من نقل و تعليق، تحت العنوان المشترك "فكرة قرأتها في كتاب"، لا يمثل بالضرورة موقفي الفكري بل هو عبارة عن مذكّرة خاصة، أعتمدها شخصيا عند الرجوع إلى الكتاب الأصلي. لا تغني هذه المذكرة عن قراءة الكتاب كاملا. يجب إذن توخّي الحذر الشديد في التعامل مع ما ورد فيها لأن لا تصل إليكم فكرة الكاتب ناقصة أو مشوّهة. أنشر هذه السلسلة مساهمة مني في رد الاعتبار لفن ثامن في طريق الانقراض، اسمه "مطالعة الكتب" و فكرة الكتاب تلزم الكاتب و لا تلزم الناقل
هامش المترجم و المعلّق هشام صالح في صفحة 284
الإسلام يُدرس على عدة مستويات في الغرب. فتارة يُدرس في كليات الاستشراق مثله في ذلك مثل أديان الشرق الأقصى كالبوذية و الهندوسية. و تارة يُدرس في كليات الأنتروبولوجيا بصفته عقيدة من عقائد الشعوب المستعمرة أو المتأخرة حضاريا. و تارة يحنّون عليه فيقبلون بأن يُدرس مع اليهودية و المسيحية لأنه دين وحي مثلهما...و هذه المكانة الهجينة التي تُخصص للإسلام تزعج أركون على ما يبدو. فهو يريد أن يُدرس على قدم المساواة مع اليهودية و المسيحية. و عندئذ يمكننا أن نتحدث عن التراث اليهودي - المسيحي - الإسلامي و ليس فقط عن التراث اليهودي - المسيحي. و لكن الغرب لا يريد حتى الآن أن يعطي للإسلام مثل هذه المرتبة و المكانة. و كل ذلك عائد إلى أسباب سياسية و صراعات تاريخية و ليس إلى أسباب علمية. فالدراسة العلمية تثبت لنا أن الإسلام شهد ظاهرة الوحي مثله في ذلك مثل اليهودية و المسيحية. و الوحي القرآني أدى إلى نتائج مشابهة للوحي التوراتي أو الإنجيلي. فهناك مليار شخص يعتقدون به، و بالتالي فلا مبرر لعدم الاعتراف به مثلهما
هامش المترجم و المعلّق هشام صالح في صفحة 286
الإسلام بالنسبة لليهود و المسيحيين يمثل دين الشعوب المتخلفة التي لم تدخل بعد مرحلة الحضارة. يضاف إلى ذلك كل الأحكام المسبقة المضادة للإسلام و الموروثة عن العصور الوسطى. يضاف إلى ذلك آثار الصراع العربي - الإسرائيلي و التي تحتاج إلى وقت طويل لكي تزول إذا ما نجحت عملية السلام...كل هذه العوامل لعبت دورها في استبعاد الإسلام من الجنة اللاهوتية اليهودية - المسيحية. فلا أحد يقول التراث اليهودي - المسيحي - الإسلامي، و إنما يقولون فقط: التراث اليهودي - المسيحي، أو القيم اليهودية - المسيحية، ...الخ. نقول ذلك على الرغم من أن الإسلام هو امتداد، بشكل ما، لليهودية و المسيحية. و القرآن ملئ بقصص أنبياء اليهود و عيسى ابن مريم. و لهم فيه مكانة كبيرة و عالية...و لكن ينبغي القول أيضا بأن التيار النقدي المتحرر لم ينجح حتى الآن في الإسلام كما حصل في اليهودية و المسيحية و بخاصة المسيحية الأوروبية. فالتيار الأصولي المتزمت لا يزال هو الغالب حتى الآن
هامش المترجم و المعلّق هشام صالح في صفحة 287
هذا يعني أن استبعاد العالم الإسلامي من قبل الغرب لا يزال مستمرا في الحاضر كما في الماضي. في الماضي كان مستبعدا لأسباب لاهوتية، لأن الإسلام يمثل الدين المنافس و الخصم الأكبر طيلة القرون الوسطى. و في الحاضر أصبح مستبعدا عَلمانيا لا لاهوتية. فدراسة التراث الإسلامي لا تتم في الأقسام نفسها التي يدرس فيها التراث المسيحي، و إنما في الأقسام المغلقة للاستشراق. نقول ذلك على الرغم من أن المركز القومي للبحوث العلمية الفرنسية حذف أخيرا الحواجز القائمة بين العالمين. و ربما كان ذلك بضغط من أركون و نداءاته المتكررة لكي تتم دراسة جميع التراثات المتوسطية على قدم المساواة و بدون أي تمييز. فليس هناك ابن الست و ابن الجارية فيما يخص الدراسة العلمية. ينبغي أن نطبق المناهج نفسها على دراسة الإسلام و المسيحية و اليهودية سواء بسواء
بالطبع فإن النبذ أو الاستبعاد لا يجيء من طرف واحد و إنما من كلا الطرفين. فنحن أيضا نرفض الغرب و المسيحية لأسباب لاهوتية تعود إلى القرون الوسطى. و هناك أحكام مسبقة سلبية عديدة ينبغي أن تصحح أو تعدّل من ناحيتنا إذا ما أردنا أن نكون منصفين. فالنظرة السائدة عن المسيحية أو اليهودية غير صحيحة و غير مقبولة. و يكفي أن نفتح أي كتاب شعبي أو حتى رسمي في العقيدة لكي نتأكد من ذلك. و إذن، فالأحكام المسبقة متبادلة، و كذلك عملية النبذ و الاستبعاد اللاهوتي الذي يولّد مباشرة الاستبعاد الاجتماعي فالسياسي. فإن الحركات الأصولية السائدة حاليا زادت الطين بلة بتنشيطها للاهوت القرون الوسطى و تعميمه شعبيا على أوسع نطاق. و هو لاهوت يؤدي إلى الحرب و الصدام مباشرة (أحداث الصعيد المصري مع الأقباط
إمضاء د. م. ك
Les idéologies sont liberté quand elles se font, oppression quand elles sont faites (Sartre).
جميع الأديان و النظريات الفكرية تتحول بعد فترة معينة من أنظمة منفتحة إلى أنظمة منغلقة و دغمائية. (هاشم صالح
أي دين يستخدم سياسيا بدون أي تأطير علمي أو نقدي يتحول بسرعة إلى إيديولوجيا ظلامية. (أركون
العقل الفلسفي هو نقدي تساؤلي استفزازي بالضرورة. و بالتالي فيشكل السلاح الفعال ضد جميع الانغلاقات الدغمائية و الأيديولوجية (هاشم صالح
الذهن غير المتقلّب غير حرّ
لا أحد مُجبر على التماهي مع مجتمعه. لكن إذا ما قرّر أن يفعل، في أي ظرف كان، فعليه إذن أن يتكلم بلسانه (المجتمع)، أن ينطق بمنطقه، أن يخضع لقانونه. عبد الله العروي
يطلب الداعية السياسي أو الفكري من قرائه أن يصدقوه و يثقوا في خطابه أما أنا - اقتداء بالمنهج العلمي - أرجو من قرائي الشك في كل ما أطرح من إشكاليات و أنتظر منهم النقد المفيد
لا أقصد فرض رأيي عليكم بالأمثلة و البراهين بل أدعوكم بكل تواضع إلى تجريب وجهة نظر أخرى و على كل مقال سيء نرد بمقال جيد، لا بالعنف اللفظي أو المادي
الكاتب منعزل إذا لم يكن له قارئ ناقد
عزيزي القارئ, عزيزتي القارئة، أنا لست داعية، لا فكري و لا سياسي, أنا مواطن عادي مثلك، أعرض عليك وجهة نظري المتواضعة و المختلفة عن السائد, إن تبنيتها, أكون سعيدا جدا, و إن نقدتها, أكون أسعد لأنك ستثريها بإضافة ما عجزت أنا عن إدراكه, و إن عارضتها فيشرّفني أن يصبح لفكرتي معارضين
البديل يُصنع بيني و بينك، لا يُهدى و لا يُستورد و لا ينزل من السماء (قال تعالى: إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) و واهم أو ديكتاتور من يتصور أنه يملك البديل جاهزا